ما المقصود بالوقود الأحفورى؟

ما المقصود بالوقود الأحفورى؟

الوقود الأحفوري هو مادة طبيعية تكونت من بقايا كائنات قديمة مدفونة على مدى ملايين السنين حيث أدت الحرارة والضغط على طبقات الرواسب إلى تغيير البقايا العضوية المتحللة إلى مواد يمكن استخدامها كمصدر للطاقة.

يعتمد هذا النوع من الوقود على دورة الكربون في الطبيعة ويستخرج من المواد الأحفورية كالفحم الحجري والغاز الطبيعي والبترول وهي مواد تحترق في الهواء مع الأكسجين لإنتاج حرارة وطاقة تُستخدم في كافة الميادين تقريباً.

وفقًا للتقديرات العالمية ستغطي مصادر الوقود الأحفوري في عام 2030 حوالي 90% من الحاجة العالمية للطاقة والتي بلغت عام 2005 81%.

يُعدُّ الوقود الأحفوري طاقة غير متجددة لأن المواد والكائنات التي تكوّنه تستغرق ملايين السنين لتتحول إلى وقود فلا يمكن استبداله عند استخدامه. وقد يكون الوقود الأحفوري مواد صلبة أو سائلة أو غازات وجميع أنواع الوقود الأحفوري عبارة عن هيدروكربونات وهي فئة من المواد الكيميائية تتكون فقط من ذرات الكربون والهيدروجين. ومن أكثر أنواع الوقود الأحفوري شيوعًا الفحم والنفط والغاز الطبيعي .

 

أنواع الوقود الأحفوري

الفحم

الفحم هو أكثر أنواع الوقود الأحفوري الصُّلْب استخدامًا وقد تشكّلِ من النباتات التي نمت في المستنقعات أو بالقرب منها في المناطق الدافئة والرطبة من الأرض خلال العصر الكربوني (حوالي 359 إلى 299 مليون سنة مضت) حيث سقطت هذه النباتات الميتة في المستنقعات واستقرت في قاعه مكونة طبقة سميكة من المواد النباتية المتحللة، وعلى مدى ملايين السنين تغطت هذه الرواسب وضُغطت المادة النباتية المتحللة حيث تكوّن الجفت، وهو مادة بنية اللون شبيهة بالتراب. ومع المزيد من الضغط والحرارة والزيادة في طبقات الرواسب يتغير الجفت إلى اللينيت وهو فحم ناعم لين ومع استمرار الحرارة والضغط على اللينيت يتحول الفحم اللين إلى فحم صُلْب وقاس، ومن أصلب أنواع الفحم فحم الأنثراسايت الذي يُعدُّ من أفضل مصادر الطاقة لأنه يولد طاقة عالية ومخلفاته قليلة.

 

البِترول والغاز الطبيعي

يُعدُّ البِترول والغاز الطبيعي من أكثر أنواع الوقود الأحفوري السائل شيوعًا وغالبًا ما يُسمى البترول بـ"النفط الخام"، وعلى الرغم من أن مصطلح "البترول" يُستخدم غالبًا للإشارة إلى الشكل السائل إلا أنه مصطلح تقني يشمل أيضًا الغاز الطبيعي.

تشكلّت معظم رواسب الغاز الطبيعي والنفط في العالم خلال العصر الكربوني حيث تكوّن النفط والغاز من خلال عملية مماثلة لعملية تكوّن الفحم في المستنقعات من بقايا كائنات مائية صغيرة مدفونة مثل الطحالب والعوالق الحيوانية ومع موت هذه الكائنات وغرقها في القاع الموحل وتحللها والتغيرات التي تطرأ عليها تدريجياً تتغير بقاياها المدفونة إلى مادة تسمى الكيروجين، وعلى مدى ملايين السنين ومع زيادة الحرارة والضغط تزداد طبقات الرواسب ويتحول الكيروجين إلى نَفْط.

هل البِترول سائل أم غاز؟

يكون البِترول سائل أو غاز بحسب عمق البِترول ودرجة حرارته حيث يتكون الغاز الطبيعي في مواقع عميقة جدًا وأكثر سخونة. فهو خليط معقد من الهيدروكربونات التي تتشكل في الأرض في صورة سائلة أو غازية أو صلبة. لكن غالبًا ما يقتصر مصطلح "البِترول" على الشكل السائل له والمعروف باسم النفط الخام. أما من الناحية التقنية، يشمل مصطلح "البِترول" أيضًا الغاز الطبيعي والشكل اللزج أو الصُّلْب المعروف باسم البيتومين، والذي يوجد في القطران الرملي.

 

إن الوقود الأحفوري السائل الرئيس المستخدم اليوم هو المنتجات النفطية المكررة وتشمل البنزين وزيوت الوقود مثل الديزل ووقود الطائرات وزيوت الأفران للتدفئة المنزلية وما يزال الكيروسين الذي كان يستخدم على نطاق واسع لتوفير الضوء يستخدم في العديد من الأماكن للطهي والتدفئة كما أنه الوقود الرئيس للمحركات النفاثة الحديثة.

 

ويستخدم الغاز الطبيعي للتدفئة والطبخ في المنزل وللتدفئة الصناعية، ويعد الغاز الطبيعي مصدر طاقة نظيف فهو لا ينتج دخانًا ولا يترك أي رماد خلفه لذلك غالبًا ما يكون وقودًا مفضلًا لأسباب بيئية.

 

أنواع الوقود الأحفوري الأخرى

يُعدُّ الجفت وفحم الكوك من أنواع الوقود الأحفوري الصلب التي يشيع استخدامها اليوم حيث يُستخدم الجفت كوقود للتدفئة في المناطق التي لا يتوفر فيها أنواع الوقود الأخرى فهو وقودٌ غير فعال لأنه يحترق ببطء وينتج الكثير من الدُّخَان والقليل من الحرارة.

 

ويتشكل فحم الكوك من المواد المتبقية من عملية استخراج الغازات والقطران، ويفيد فحم الكوك في الصناعة لأنه ينتج حرارة شديدة دون دخان حيث يُستخدم فحم الكوك على نطاق واسع في أفران الصهر لصنع الحديد وفي العمليات المعدنية الأخرى.

 

ومع استنفاد احتياطيات الوقود الأحفوري ازداد البحث عن مصادر وقود بديلة، اثنان من هذه الموارد هي الصخر الزيتي وهو نوع من الصخور يحتوي على زيوت في داخله، القطران الرملي وهي صخور تحتوي على هيدروكربونات ثقيلة تشبه القطران داخل الصخر. لكن يُعدُّ استخراج المواد المفيدة من هذه الموارد أمرًا صعبًا ومكلفًا مما يجعلها خيار وقود غير عملي في الوقت الحاضر.

 

أماكن وجود الوقود الأحفوري

لا يتوزع الوقود الأحفوري بالتساوي في جميع أنحاء الأرض، حيث تمتلك الولايات المتحدة وروسيا والصين أكبر رواسب الفحم في العالم وتوجد رواسب كبيرة أيضًا في أستراليا والهند وجنوب إفريقيا، ويوجد أكثر من نصف احتياطيات النفط والغاز الطبيعي المعروفة في العالم في الشرق الأوسط، وهذا يعني أن الشرق الأوسط يحتوي على نفط أكثر من بقية دول العالم مجتمعة يليه كندا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وأجزاء من روسيا وما وراء القوقاز وآسيا الوسطى، حيث تحتوي كل منطقة من هذه المناطق على أقل من 15٪ من الاحتياطيات المؤكدة في العالم.

  

مشكلات الوقود الأحفوري

يوجد عيبان رئيسان للوقود الأحفوري الأول أنه وقود غير متجدد أي محدود على الأرض، والثاني هو الضرر البيئي الذي يسببه، حيث يؤدي حرق البِترول والفحم إلى إطلاق غازات ضارة مثل أول ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت فتُلوث هذه الغازات الهواء وتتفاعل مع الرطوبة في الغلاف الجوي فتكوّن أمطار حامضية.

 وقد أظهرت الأدلة العلمية أن حرق الوقود الأحفوري يزيد من درجات حرارة الغلاف الجوي للأرض والذي يسمى تأثير الاحتباس الحراري حيث يسبب تغير المناخ وهو مصدر قلق بيئي خطر.

 دفعت هذه المشكلات العلماء والمهندسين إلى تطوير طرق جديدة لتوليد الطاقة دون استخدام الوقود الأحفوري. على سبيل المثال تعمل بعض السيارات الآن بالكهرباء بدلاً من البنزين، كما يمكن تدفئة المنازل باستخدام الطاقة الشمسية أو الطاقة الحرارية الأرضية، وتعمل بعض محطات الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة النووية أو المياه أو طاقة الرياح، ومصادر الطاقة البديلة هذه هي من أشكال الموارد المتجددة لأنها متجددة بشكل دائم ولا يمكن استنفادها على عكس الوقود الأحفوري.

 

 تدهور الأراضي

يتسبب التنقيب عن النفط ورواسب الغاز والفحم ومعالجتها واستخراجها من باطن الأرض بتأثيرات هائلة على الأراضي والأنظمة البيئية. حيث تستخدم شركات صناعات الوقود الأحفوري مساحات شاسعة من الأراضي للبنية التحتية للاستخراج مثل الآبار وخطوط الأنابيب وطرق الوصول، فضلاً عن مرافق المعالجة وتخزين النفايات والتخلص منها. وفي بعض الحالات، يتم كشط مساحات كاملة من الأراضي بما فيها غابات بأكملها بعيدًا لاستخراج الفحم أو النفط الجوفي. وحتى بعد توقف العمليات الاستخراج، لا تعود الأرض التي فقدت مكوناتها إلى ما كانت عليه من قبل.

 ونتيجة لذلك، يتم تدمير وتفتيت موائل الحياة البرية وهي الأراضي الهامة جدًالهجرة وتكاثر بعض الحيوانات، وحتى الحيوانات القادرة على المغادرة يمكن أن ينتهي بها الأمر بالمعاناة لأنها غالبًا ما تُجبر على العيش في موائل أقل من مثالية وضمن بيئة أكثر تنافسية بسبب ندرة الموارد.

  

تلوث المياه

يشكّل تطوير الفحم والنفط والغاز تهديدات لا تُعد ولا تحصى على الممرات المائية والمياه الجوفية. فعمليات استخراج الفحم ينتج عنها أحماض تتسرب إلى الجداول والأنهار والبحيرات المحيطة بالمناجم بالإضافة إلى تفريغ كميات هائلة من الصخور غير المرغوب بها في التربة وفي الأحواض المائية المحيطة. إضافة إلى ذلك تتسبب التسريبات النفطية في أثناء الاستخراج أو النقل بتلوث وضرر هائل لمصادر مياه الشرب ومياه البحار والمحيطات وتهدد النظم البيئية فيها بأكملها.

 وفي ذات الوقت، ينتج عن عمليات الحفر والتكسير والاستخراج كميات هائلة من مياه الصرف الصحي المحمّلة بالمعادن الثقيلة والمواد المشعّة وغيرها من الملوثات. تقوم المصانع بتخزين هذه النفايات في حُفر في الهواء الطلق أو خزانات جوفية يمكن أن تتسرب منها إلى الأحواض المائية المحيطة وتلوث المياه الجوفية بالملوثات التي قد تتسبب بأمراض السرطان والعاهات الخلقية والأضرار العصبية وغير ذلك الكثير.

 

الانبعاثات

يُطلق الوقود الأحفوري ملوثات ضارة في الهواء حتى قبل وقت طويل من حرقها. بل في واقع الأمر، يتعرض الكثير من السكان يوميًا لتلوث الهواء السام من آبار النفط والغاز النشطة ومن مرافق النقل والمعالجة المحيطة بمدنهم. وهذا يشمل البنزين الذي يسبب سرطان الدَّم واضطرابات الدَّم في مرحلة الطفولة والفورمالديهايد، وهي مادة كيميائية مسرطنة. كما تتسبب عمليات التنقيب والاستخراج ذاتها بالكثير من المشكلات الصحية والبيئية، خاصة بالنسبة لعمال المناجم أنفسهم، ولا سيما في أماكن الكثافة الخضراء مثل الغابات التي يؤدي تجريفها إلى إطلاق كم هائل من الكربون المُختزن بشكل طبيعي فيها.